|
|
|
هو أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر،وقال ابن هشام: واسم أبي سفيان صخر(1). من مواقفه في الجاهلية: كان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب أهل عداوة ولكنهم لم يشخصوا بالنبي صلى الله عليه وسلم كانوا كنحو قريش.(2) وفي غزوة بدر، أقبل أبو سفيان بن حرب بالعير وقد خافوا خوفا شديدا حين دنوا من المدينة واستبطؤوا ضمضما والنفير حتى ورد بدرا وهو خائف من الرصد فقال لمجدي بن عمرو هل أحسست أحدا من عيون محمد فإنه والله ما بمكة من قرشي ولا قرشية له نش فصاعدا إلا قد بعث به معنا فقال مجدي والله ما رأيت أحدا أنكره إلا راكبين أتيا إلى هذا المكان وأشار له إلى مناخ عدي وبسبس فجاء أبو سفيان فأخذ أبعارا من بعيريهما ففته فإذا فيه نوى فقال علائف يثرب هذه عيون محمد فضرب وجوه العير فساحل بها وترك بدرا يسارا وانطلق سريعا وأقبلت قريش من مكة فأرسل إليهم أبو سفيان بن حرب قيس بن امرئ القيس يخبرهم أنه قد أحرز العير ويأمرهم بالرجوع وموقف آخر له يوم هجرة زينب بنت رسول الله: لما فرغت زينب من جهازها ارتحلت، وخرج بها حموها يقود بها نهاراً كنانة بن الربيع، وتسامع بذلك أهل مكة، وخرج في طلبها هبار بن الأسود، ونافع بن عبد القيس الفهري، وكان أول من سبق إليها هبار، فروّعها بالرمح وهي في هودجه، وبرك كنانة ونثر نبله ثم أخذ قوسه وقال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهم، وأقبل أبو سفيان في أشراف قريش، فقال: أمسك عنا بنبلك حتى نكلمك، فوقف عليه أبو سفيان، وقال: إنك لم تصنع شيئاً، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس، وقد عَرفْتَ مصيبتنا التي أصابتنا ببدر، فتظن العرب وتتحدث أن هذا وهن منا وضعف، خروجك إليه بابنته على رؤوس الناس من بين أظهرنا، ارجع بالمرأة فأقم أياماً ثم سُلّها سلاً رقيقاً في الليل، فألحقها بأبيها، فلعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، وما لنا في ذلك من ثؤرة فيما أصاب منا، ففعل، فلما مر به يومان أو ثلاثة سلها، فانطلقت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.(3) وفي يوم أحد كان أبو سفيان بن حرب هو الذي قاد قريشا كلها يوم أحد ولم يكن بأعلم من رسول الله بقادة الجيش وتنظيمه. لكن أبا سفيان استطاع أن يجند عددا كبيرا من قريش فكانت عدتهم 3000 فيهم 700 دارع ومعهم 200 فرس.(4) وجاء في الطبقات الكبري لإبن سعد "لما أراد أبو سفيان بن حرب أن ينصرف يوم أحد نادى بيننا وبينكم بدر الصفراء رأس الحول نلتقي بها فنقتتل فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمر بن الخطاب قل نعم إن شاء الله فافترق الناس على ذلك ثم رجعت قريش فخبروا من قبلهم بالموعد وتهيؤوا للخروج فلما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج وقدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة فقال له أبو سفيان إني قد واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقي ببدر وقد جاء ذلك الوقت وهذا عام جدب وإنما يصلحنا عام خصب غيداق وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج فيجتريء علينا فنجعل لك عشرين فريضة يضمنها لك سهيل بن عمرو على أن تقدم المدينة فتخذل أصحاب محمد قال نعم ففعلوا وحملوه على بعير فأسرع السير فقدم المدينة فأخبرهم بجمع أبي سفيان لهم وما معه من العدة والسلاح فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) والذي نفسي بيده لأخرجن وإن لم يخرج معي أحد فنصر الله المسلمين وأذهب عنهم الرعب وأورد ابن الأثير في أسد الغابة " لما أراد أبو سفيان الانصراف أشرف على الجبل ثم نادى بأعلى صوته: إن الحرب سجال يوم بيوم بدر اعل هبل - أي أظهر دينك - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب: قم فأجبه. فقال: الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار فلما أجاب عمر أبا سفيان قال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ائته فانظر ما يقول ". فجاءه فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا قال: لا وإنه ليسمع كلامك الآن. فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر - لقول ابن قمئة لهم: قد قتلت محمدا" وموقف آخر مع زيد بن الدثنة فقد أورد ابن كثير في البداية والنهاية "اجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وانك في أهلك قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه واني جالس في أهلي قال يقول أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحد كحب أصحاب محمد محمدا". عمره عند الإسلام: ولد أبو سفيان قبل عام الفيل بعشر سنين وأسلم عام الفتح.(5) فيكون عمره عند إسلامه71 عاما. إسلامه: لما نزل رسول الله( صلى الله عليه وسلم) بمر الظهران قال العباس: واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنة قبل أن يستأمنوه إنه لهلاك قريش [ إلى ] آخر الدهر. قال: فجلست على بغلة رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) البيضاء فخرجت عليها حتى جئت الأراك فقلت لعلي: ألقى بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستأمنوه قبل أن يدخلها [ عليهم ] عنوة. قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانا ولا عسكر. قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حشتها الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكره. قال: فعرفت صوته فقلت: يا أبا حنظلة فعرف صوتي فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله( صلى الله عليه وسلم) في الناس واصباح قريش والله قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه وحركت به فكلم، مررت بنار من نيران المسلمين قالو: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قالو: عم رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا؟ وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال: أبو سفيان عدو الله؟ الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطيء فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله( صلى الله عليه وسلم) ودخل عمر فقال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه فقلت: يا رسول الله إني أجرته ثم جلست إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [ فأخذت برأسه ] فقلت: لا والله لا يناجيه الليلة رجل دوني. قال: فلما أكثر عمر في شأنه قلت: مهلا يا عمر أما والله أن لو كان من رجال بني عدي ين كعب ما قلت هذا ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف فقال: مهلا يا عباس والله لإسلامك يوم أسلمت أحب إلى من إسلام أبي لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله( صلي الله عليه وسلم) من إسلام الخطاب. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " اذهب به إلى رحلك يا عباس فإذا أصبحت فأتني به ". فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به على رسول الله( صلى الله عليه وسلم) فلما رآه رسول الله( صلى الله عليه وسلم) قال: " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ ". قال: بأبي أنت وأمي ما أكرمك وأحلمك وأوصلك [ والله ] لقد ظننت أن لو كان مع الله غير لقد أغنى عني شيئ. قال: " ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ ". قال: بأبي وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك هذه والله كان في النفس منها شيء حتى الآن. قال العباس: ويحك يا أبا سفيان أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك قال: فشهد شهادة الحق وأسلم.(6) وجاء في الاستيعاب لابن عبد البر "أسلم فحسن إسلامه فيقال: إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله( صلى الله عليه وسلم) حياء منه" أهم ملامح شخصيته: تميز أبو سفيان بكثير من الصفات والتي قلما توجد في إنسان، وهذا ما جعله يتسلم زعامة قريش. 1- الدهاء والحكمة (موقفه يوم بدر وفراره بالقافلة) 2- الشجاعة والإقدام (موقفه يوم حنين وعدم فراره من المعركة ) 3-حب الفخر وحب الزعامة(موقفه يوم فتح مكة) ولم يعب النبى عليه ذلك 4- البخل إلا أنه يتكلف الجود إذا اقتضى الأمر يدفعه ثمناً للزعامة (وقد شكته هند بنت عتبة زوجته إلي الرسول وقد قالت للرسول(صلي الله عليه وسلم ) " إن أبا سفيان رجل شحيح" رواه مسلم: من طريق عكرمة بن عمار اليماني، عن أبي زميل سماك بن الوليد، عن ابن عباس أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن. قال: «نعم». قال: تؤمرني على أن أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال: «نعم» قال: ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك. قال: «نعم» قال: وعندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها. الحديث بتمامه. . من مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم: قال ابن الأثير في أسد الغابة "كانت راية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيد سعد بن عبادة يوم الفتح فمر بها على أبي سفيان وكان أبو سفيان قد أسلم فقال له سعد: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا فلما مر رسول الله في كتيبة من الأنصار ناداه أبو سفيان: يا رسول الله أمرت بقتل قومك زعم سعد انه قاتلنا وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن سعدا أن تكون منه صولة في قريش فقال رسول الله: " يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله قريشا " فاخذ رسول الله اللواء من سعد وأعطاه ابنه قيسا.
وشهد أبو سفيان حنينا وأبلى فيها بلاء حسنا وكان ممن ثبت ولم يفر يومئذ ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى انصرف الناس إليه.(7) وأورد ابن حجر في الإصابة "عن عكرمة أن النبي( صلى الله عليه وسلم) أهدى إلى أبي سفيان بن حرب تمر عجوة وكتب إليه يستهديه أدما مع عمرو بن أمية فنزل عمرو على احدى امرأتي أبي سفيان فقامت دونه وقبل أبو سفيان الهدية وأهدى إليه أدما" وقال ابن حجر في الإصابة "عن سعيد بن عبيد الثقفي قال رميت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه فأتى النبي ( صلى الله عليه وسلم) فقال هذه عيني أصيبت في سبيل الله قال إن شئت دعوت فردت عليك وإن شئت فالجنة قال الجنة" من مواقفه مع الصحابة رضي الله عنهم: مع ابنته أم حبيبه قبل إسلامه "لما جاء أبو سفيان إلى المدينة قبل الفتح لما أوقعت قريش بخزاعة ونقضوا عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخاف فجاء إلى المدينة ليجدد العهد فدخل على ابنته أم حبيبة فلم تتركه يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: أنت مشرك".( من الأحاديث التي رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: روى عنه سماك بن حرب أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " ما قدست أمة لا يؤخذ لضعيفها حقه من قويها غير متعتع.(9)
ومن أقواله في يوم اليرموك: وقام أبو سفيان بن حرب ( رضي الله عنه) في الناس فتكلم كلاما حسنا من ذلك قوله: ( والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم ولا تبلغن رضوان الله غدا إلا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة.(10) ولما حضرته الوفاة: قال لا تبكوا علي فإني لم أتنطف بخطيئة منذ أسلمت. وفاته رضي الله عنه: اختُلف في وفاة أبى سفيان: قال ابن حجر " مات لست خلون من خلافة عثمان وقال الهيثم لتسع خلون وقال الزبير في آخر خلافة عثمان وقال المدائني مات سنة أربع وثلاثين وقيل مات أبو سفيان سنة إحدى وقيل اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان وقيل مات سنة أربع وثلاثين قيل عاش ثلاثا وتسعين سنة وقال الواقدي وهو ابن ثمان وثمانين وقيل غير ذلك. وعن الهيثم بن عدي قال: هلك العباس بن عبد المطلب وابن مسعود وأبو سفيان بن حرب لتسع سنين مضت من إمارة عثمان وبعض الناس يقول: هلك سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان رضي الله عنهم.(11) المصادر: 1- سيرة ابن هشام [ جزء 2 - صفحة 98 ] 2- الطبقات الكبرى [ جزء 1 - صفحة 201 ] 3- الطبقات الكبرى [ جزء 2 - صفحة 13 ] 4- محمد رسول الله [ جزء 1 - صفحة 295 ] 5- محمد رسول الله [ جزء 1 - صفحة 199 ] 6- مجمع الزوائد [ جزء 6 - صفحة 242 ] 7- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 535 ] 8- أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 1353 ] 9- أسد الغابة [ جزء 1 - صفحة 677 ] 10 سيرة ابن هشام [ جزء 5 - صفحة 57 ] 11- مجمع الزوائد [ جزء 9 - صفحة 439 ] |
فقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رده على الرافضي أن كتاب تاريخ المسعودي أي: مروج الذهب، فيه كثير من الروايات المكذوبة التي يجب الحذر منها، وعدم الثقة بالنقل منه دون تمحيص ومعرفة صحة ذلك من عدمه، قال شيخ الإسلام في منهاج السنة: والحكاية التي ذكرها -أي الرافضي- عن المسعودي منقطعة الإسناد وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى فكيف يوثق بحكاية منقطعة الإسناد في كتاب قد عرف بكثرة الكذب. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان: وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً. وجزم الذهبي في السير بأنه كان معتزليا.
وقال إسماعيل باشا البغدادي في كتابه هدية العارفين: المسعودي: علي بن الحسين بن علي الهذلي البغدادي أبو الحسن المسعودي المؤرخ نزيل مصر الأديب كان يتشيع توفي بمصر سنة 346 له من الكتب إثبات الوصية. انتهى.
وقد نسبه إلى التشيع كثير من رجال الشيعة أصحاب المؤلفات المعتد بها في مذهب الشيعة، فيجب الحذر والتثبت عند القراءة أو النقل منه لا سيما فيما يتعلق بالفتن التي دارت في عصر الصحابة رضي الله عنهم.