مرض الحسد وعلاجه

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }

مرضُ الحسد

تعريفه : مرض من أمراض القلوب وهو تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دين أو دنيا .

تحريمه :
قال الله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً ) النساء54
وعن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخواناً , المسلم أخو المسلم , لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله التقوى ههنا – ويشير إلى صدره- ثلاث مرات ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه "
(رواه مسلم 2564)
(النجش) هو الزيادة في ثمن السلعة ليغر غيره ويخدعه .
(التدابر) أي التقاطع وأن يعرض الإنسان عن أخيه ويهجره ويجعله كالشيء الذي وراء الظهر والدبر .
(لا يخذله) أي يترك نصرته وإعانته .
(العرض) أي النفس : وفلان نقي العرض أي برئٌ من أن يشتم أو يُعاب وقيل عرض الرجل حسبه .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث "
(متفق عليه) (البخاري 10/403.401 مسلم 2559)
وعن أبن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه أناء الليل وآناء النهار "
(متفق عليه) (البخاري 9/65 مسلم 815)
الحسد هُنا : حسد الغبطة أي أن تتمنى مثل حاله من غير إن تريد زوال النعمة عنه .


تشخيصه : وهو الأعراض التي يشعر بها الشخص المحسود ومنها :
ألم في الرأس وبرودة في الأطراف وخمول في الجسم وألم في أسفل الظهر (العصص) وقلق أثناء النوم وضيق في الصدر ودوخة في بعض الأحيان .
فاجتماع الأمراض دلالة واضحة على وقوع الحسد ولا يشترط ظهور عرض واحد من هذه الأعراض على وقوعه .

علاجه ( الرقية الشرعية للحسد ):هناك خمس نقاط هامة يجب الإشارة إليهم :
الأولى : إن استطعت معرفة الشخص الذي يحسدك فالأولى أن تطلب منه ماء غسل أو ماء وضوء وينبغي أن لا يمتنع أي شخص يطلب منه هذا الماء فإذا طلب منك ماء غسل أو ماء وضوء فبادر بالإجابة (حفظك الله) فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل به المعين "
(رواه أبو داود 3880 والبيهقي في السني الكبرى 9/351)
(العائن) الحاسد.
(المعين) المحسود .
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل , فقال : والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة , فلبط سهل , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال : "علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألا بركت ؟ اغتسل له " فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح مع الناس
(رواه أحمد (3/487 وابن ماجة 3509 ومالك في الموطأ 2/938)
(لبط) صرع .
(تغيظ) غضب .
إن حصلت على هذا الماء قُم بصبه على بدنك ابتداء برأسك وسيزول عنك المرض ( بإذن الله تعالى ) وإن تعذر عليك ذلك أو أنك لم تستطع التعرف على حاسدك فالرقية .

الثانية : على الشخص المحسود أن يرقي نفسه بنفسه فذلك أولى وأن تكون القراءة بصوت مسموع مع النفث ومسح الوجع باليد اليمنى .

الثالثة : كُن على يقين كامل بأن الرقية لا تنفع بذاتها بل بفضل الله تعالى وقدرته وأنه لا شفاء إلا بإذنه عز وجل .
فهو النافع والشافي والكافي والقريب والرقيب والحفيظ والوكيل ...
قال تعالى ( وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ ) الأنعام17

الرابعة : الوقاية هي العلاج وأعظم الوقاية هو تقوى الله واجتناب مالا يرضاه فهو حصن حصين بإذن الله تعالى .
قال تعالى ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق2-3
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال يا غلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف "
(رواه الترمذي 2518 وقال حديث حسن صحيح)
واعلم أن القرآن كله شفاءٌ تامٌ من كل الأسقام بفضل المنان فقال تعالى
( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ) الإسراء82
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) يونس57

الخامسة : ينبغي على كل مسلم الإكثار من الأذكار والمحافظة على الأدعية في كل الأحوال ولزوم الاستغفار والصلاة والسلام على النبي المختار.
الرُّقية الشرعية للحسد :
1- الاستعاذة (أبو داود 1/206 وصحيح الترمذي 1/77 )
2- سورة الفاتحة (مسلم 806 البخاري 5737)
3- آية الكرسي [ البقرة : 255] (البخاري 4/396 398 مسلم 810)
4- خواتيم سورة البقرة
[البقرة 285.286] (البخاري 9/50 مسلم 806 , 808)
5- سورة الإخلاص " قل هو الله أحد " ثلاث مرات .
(أبو داود 5082 والترمذي 3570 وقال حديث حسن صحيح)
6- المعوذتان : سورة الفلق والناس /3 مرات/
(الترمذي 2059 وقال حديث حسن صحيح وأخرجه ابن ماجه 3511)




بعض الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم :1- " اللهم رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءاً لا يُغادر سُقماً " (متفق عليه) (البخاري 10/176. مسلم 2191)
2- يضع المريض يده على الذي يؤلمه من جسده ويقول :
" بسم الله ... ثلاثاً ويقول .. أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر "
(سبع مرات) (مسلم 2202)
3- " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك " (مسلم 2186)
4- " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة "
(البخاري 4/119)
5- " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق "
(مسلم 2708-2709)
6- " أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون "
(أبو داود والترمذي 3/171)
7- " أسأل الله العظيم رب العرش العظيم إن يشفيك " (سبع مرات)
(أبو داود 3106 والترمذي 2084 وقال حديث حسن صحيح)
8- " أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن "
(رواه أحمد3/119 بإسناد صحيح وابن السني برقم 637)
9- " اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والقرآن أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء "
(مسلم 4/4084)
* وهذه التعوذات والدعوات يعالج بها من السحر والعين ومس الجان وجميع الأمراض ( بإذن الله تعالى ) .
أخيراً :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" العينُ حق "
(متفق عليه البخاري 7/114 ومسلم 2187)
- إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو ولده أو أخيه أو غير ذلك مما يعجبه (فليدع له بالبركة) " ما شاء الله لا قوة إلا بالله اللهم بارك عليه " لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدعُ له بالبركة "
(موطأ مالك (2/938) وأحمد 4/447 صحيح ابن ماجه (2/265)


نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي جميع المسلمين
وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل والصلاة والسلام على خير الرسل محمد وعلى آله وصحبه وسلم .